بقلم الإعلامي العميد المتقاعد هاشم المجالي .
الصياد الاخباري
لقد لاحظنا استهجان الشعب الأردني لما تداولته بعضا من وسائل الإعلام والسوشال ميديا حول معلومات تفيد بأنه تم ضبط 40 اردنيا في دولة كينيا الإفريقية يتسولون بشوارعها ، وهم يخضعون الأن إلى التحقيق معهم كونهم دخلوا بتأشيرات سياحية لكينيا .
والأسئلة التي يتم طرحها من قبل المتداولين والمعلقين لهذا الخبر :
من هم ؟وكيف دفعوا ثمن هذه التذاكر المكلفة جدا ؟ ولماذا دولة كينيا الفقير شعبها ؟ .
فكان هذا الخبر قد ذكرني بحادثة كانت قد حصلت معي عندما كنت رئيسا لقسم مكافحة المخدرات في محافظة الزرقاء ، والحادثة بدأت عندما اتصل معي مديري هاتفيا وطلب مني ان استقبل أحد الشيوخ الذي لا يعرفه ولكن له حاجة عندي في عملي ، وبالفعل استقبلت هذا الشيخ الذي يرتدي اللبس الخليجي المميز بالحطة والعقال البحريني، ولكنني تفاجئت بأنه أردني ولكنه مقيما بالبحرين ،وإذا بهذا الشيخ يتوسط لشاب تم ضبطه على قضية تعاطي ، وصار الإفراج عنه ولكن عليه إجراء من الحاكم الإداري ، ولهاجس تملكني بأن هذا الشيخ لم يأتي ليتوسط من مبدأ عمل الخير والإحسان وإنما مقابل أجر سوف يْدفع له من قبل الموقوف لدينا ، كما أنني شعرت ولست متأكدا بأنه ينحدر من عائلات المتسولين المعروفين بالأردن والذين لا يعملون وإنما يشغلون اولادهم ونسائهم بالتسول بالشوارع ، فاعتذرت منه بأدب ثم غادر مكتبي .
صار هذا الشيخ يتواصل معي هاتفيا بمعدل كل يومان أو ثلاثة ، ويبعث لي برسائل مودة ومحبة ، وبعد مدة زمنية ليست قصيرة وتحديدا بشهر رمضان كثّف هذا الشخص اتصالاته عليَ وصار يرغب بزيارتي إلى منزلي لموضوع هام وضروري عنده .
المهم بعد إصراره عليّ دعوته إلى منزلي وكان عصر يوما رمضانيا وكان معه شقيقا حسب ادعائه ، وكانت معهما سيارة سياحية مستأجرة ، فادخلتهما منزلي وسألتهما إن كانا صائمان فابلغاني الاثنان بأنهما لديهما أعذارا صحية ويدفعان الكفارة عن هذا العذر ، فقمت بتقديم واجب الضيافة لهما وأنا صائم ، ولكن تأكد لي بأنهم اصلا لا يصومان ولا عائلاتهما أصلا يصومون.
وفجأة صار الأخ الأكبر الذي حضر ولأول مرة اشاهده يبكي أمامي وشقيقة يواسيه ويقول له (توكل على الله احنا صرنا في بيت ابوعمر ورح يحل مشكلتنا ) فقلت لهما اتفضلا احكولي شوا الموضوع ، فأخبراني بأن شقيقهما الثالث بالبحرين كان قد استولى على ورثة والدهم وحرمهما منها ، وأنهما الأن لا يملكان تذاكر سفر للعودة إلى للبحرين ، ولا يستطيعان أن يدفعان ثمن الشقة المفروشة التي استأجراها، وأن حالتهما المادية صعبة جدا ، وأن املاكهما بالبحرين تقدر بعشرات الآلاف ولكنهما بحاجة إلى مبلغ كديَن عليهما ليسيران اوضاعهم حاليا مؤقتا لحين عودتهما إلى البحرين .
فسألتهما كم المبلغ المطلوب لحل مشكلتهما ، فأبلغاني بأن المبلغ المطلوب حوالي 2000 دينار ، فاعتذرت منهما بعدم امتلاكي لهذا المبلغ ، ثم نزل المبلغ ل ألف دينار ثم ل 500 ثم 300 ثم 50 ثم 10 دنانير .
وبعد هذا العرض من التخفيضات والتنزيلات أيقنت بأنهما متسولان من العائلات المتسولة، وانهما يرتديان أفضل الثياب واحسن العطور ويركبان ويستأجران أفضل السيارات ويحوزان على هواتف خلوية من أخر الموديلات من أجل التغرير بالناس والنصب والاحتيال .
عندها واحتراما لمنزلي ولنفسي ابلغتهما برسالة مبطنة تقول لهما انكما شيوخ نصب واحتيال وان مسرحيتكما هذا لن تنطلي عليَ نهائيا ، فغادرا منزلي دون إبداء أي مظهر من مظاهر الإحترام لخروجهما .
ثم قمت بالتواصل مع أخرين ممن يعرفونهما لابلغهم عن ما حدث معي ، فتفاجئت بأن المسرحية هذه كانت قد انطلت على بعض الأصدقاء واتقذت البعض الأخر منهما .
نصابون ومحتالون في زيَ شيوخ خليجيون من جنسية اردنية فلماذا تستغربون متسولون أردنيون في كينيا .
