التحريض على قتل الكلاب في دول العالم الثالث: سلاح إعلامي للتشتيت عن الفساد والكوارث الحقيقية
بقلم : الناشطة فاطمة ابودلو
وكالة الصياد الاخباري - عمان - في كثير من دول العالم الثالث، باتت حملات التحريض ضد الكلاب الضالة أداة جاهزة تستخدمها بعض الجهات لصرف الأنظار عن الأزمات الكبرى والكوارث الحقيقية التي يعيشها المواطن يوميًا.
كلما تفاقمت المشكلات الاقتصادية، أو ظهرت فضيحة فساد، أو وقعت كارثة نتيجة سوء إدارة، يعود الخطاب نفسه: “الكلاب خطر ويجب التخلص منها فورًا.”
شيطنة ممنهجة… ومواد إعلامية جاهزة
يتم تداول أخبار مفبركة أو مبالغ فيها عن “هجمات” و”أمراض قاتلة” تنشرها الكلاب، ليُحوَّل النقاش العام فجأة إلى موضوع ثانوي، بعيد تمامًا عن الفشل الحكومي وسوء الخدمات والبنية التحتية المتداعية.
تتحول الكلاب إلى مادة إعلامية دسمة: صور، فيديوهات، تصريحات رسمية، منشورات مدفوعة… بينما يتم تجاهل الأسئلة الأساسية:
• من المسؤول عن الأزمات الاقتصادية؟
• من يحاسب الفاسدين؟
• لماذا تنهار البنية التحتية مع أول مطر؟
• ولماذا تُدفن الكوارث الحقيقية تحت عواء حملات شيطنة الحيوانات؟
قتل عشوائي بدعم رسمي… وأدوات غير قانونية
في بعض المناطق، يتم تنفيذ عمليات قتل جماعي للكلاب بطرق وحشية، باستخدام مركبات بلا لوحات، وأسلحة طائشة غير مرخصة، وسط أحياء سكنية وبين بيوت الناس ووجود أطفال.
الأسوأ أن هذه الانتهاكات تتم غالبًا بغطاء رسمي أو بغضّ نظر من المؤسسات المختصة، كأن حياة الناس وسلامتهم النفسية والجسدية لا قيمة لها طالما أن “النشاط” يُسوَّق كإنجاز حكومي.
الشرطة لا تستجيب… وكأن الأرواح بلا قيمة
عشرات الشكاوى تصل للشرطة من سكان يرفضون إطلاق النار قرب بيوتهم، أو يشاهدون مركبات مجهولة تتجول وتطلق النار على الحيوانات.
لكن الرد غالبًا يكون باردًا، أو يتم تجاهل البلاغ كليًا.
كأن حياة الناس والكلاب في المرتبة الأخيرة من أولويات الجهات الرسمية، بينما الفوضى المسلحة تبدو أمرًا عاديًا ومسموحًا.
تشتيت متعمد عن الأساسيات
في النهاية، يتحول النقاش العام كله إلى “الكلاب”، بدلًا من الحديث عن:
• غلاء المعيشة
• البطالة
• الفقر
• انهيار البنية التحتية
• انتشار الفساد
• فشل المؤسسات
• غياب الرقابة والمحاسبة
وهكذا يجد المواطن نفسه وسط ضجيج مصطنع، بينما المشكلات الحقيقية تُدفن تحت فوضى التحريض على كائنات لا صوت لها ولا ذنب لها سوى أنها الحلقة الأضعف.
خلاصة
استخدام قضية الكلاب الضالة كأداة للتشتيت ليس سوى انعكاس للعجز عن معالجة المشكلات الحقيقية.
التحريض والقتل الجماعي لا يحل أزمة، ولا يطوّر مدينة، ولا يحمي مجتمعًا.
إنه فقط يفضح منظومة تهرب من مسؤولياتها، وتبحث عن شماعة أسهل لتصنع منها عدوًا وهميًا يشغل الناس عن القضايا المصيرية .
#فاطمة ابودلو

