-->
الصياد الاخباري الصياد الاخباري
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...
random

الازرعي يكتب ... الحمار والبردعة !!

 


بقلم : حاتم الازرعي قالت العرب قديما "المعنى في بطن الشاعر" وهو مثل قيل للدلالة على أن القصيدة التي يكتبها أي شاعر قد يستشف منها القاريء معنى معينا، ولكن المعنى الحقيقي يكون دائما لدى الشاعر الذي أبدع القصيدة.

وفي الخاطرة التي ولدتها حكاية "الحمار والبردعة " بعدا ومعنا محددا في بطن كاتبها، وليقرأ كل من تصله الخاطرة على خاطره وهواه ، فالحكاية تنسحب في تفاصيلها واسقاطاتها ،البادية والخافية ،على كثير من زوايا المشهد العام ، ومجمل قضايا الساعة .

تناقلت الاجيال عبر الازمنة، المثل الشعبي " اللي ما بقدر عالحمار بتشطر عالبردعة " وفي صيغة اخرى "اللي ما بقدر عالحمار بعض (او بدق) بالبردعة " .

والبردعة في اللغة : " ما يُوْضَع على الحِمار أَو البَغْل ليُرْكَبَ عَلَيْه، كالسَّرْج للفَرس " وكنا نطلق عليها في القرية اسم "الجلال" ، أما الحمار فمن منا لا يعرفه ، فاغلب ابناء جيلي والاجيال السابقة "استقله" للتنقل ، ونقل المتاع وغيره من مكان لأخر ، حين لم تكن تتوفر وسائل النقل الحديثة ، وخبرنا رفساته اذا ما غضب او انزعج وخرج عن طوره وطبعه المطواع.

وتناقلت الاجيال هذا المثل للتعبير عن الفرد او الافراد او المجتمع الذي لا يعرف او يدرك المصدر الحقيقي لمشاكله وهمومه والويلات التي يعانيها ويرزح تحت نيرها والبلاوي التي يواجهها، وبالتالي يوجه ضرباته وسهامه الخائبة الى اهداف لا علاقة لها بكل ما يعانيه ، فيضيع جهده عبثا ، ولا يحقق نتيجة ترفع عن كاهله المعاناة او تحرره من العبودية تحت وطأة النير.

من أين جاء المثل " اللي بقدرش على الحمار بتشطر على البردعة" ؟؟. يقال انه ولد من رحم قصص كليلة ودمنة ، فما هي الحكاية ؟؟.

قديما ، وفى إحدى القرى، حين كان الحمار الوسيلة الوحيدة بلا منازع للتنقل ، اشتهر في القرية حمار اتسم بالعناد والسلوك العنيف، ولم يسلم احد ممن ركبه من اذاه ، فسرعان ما يطيح به أرضا ، ويناله من رفس الحمار ما يترك بصمات حوافره ماثلة في كل بقعة من جسده .

وكان الناس كلما أوقع الحمار أحدهم ، يصبون جام غضبهم ، ونيران حقدهم على البردعة ، وينهالون عليها بالشتم والضرب ، ويلعنون رداءة صنعها، ويتذمرون من سوء صانعها وينعتونه بابشع صفات الفساد.

وفي كل مرة يسقط عن ظهر الحمار احد، يستمر ضرب البردعة ولعنها وشتمها وتمزيقها واستبدالها بأخرى ، يتوسمون فيها الخير ،وسلامة الوصول إلى المبتغى بأمان ، فيما الحمار لا يتغير ويسقط ارضا كل من يعتلي ظهره ويمعن في الرفس والعض والايذاء ، ولا يكف فقهاء الحل والربط وقادة الفكر والاشد بأسا في القرية عن تغيير البردعة بعد توسيعها ضربا وشتما وتوبيخا .

وهكذا ، ومنذ ايام القرية في الزمن الغابر ، إلى يومنا لا يزال ذاك الحمار " يسح ويربع " ويصول ويجول ، ولا احد يجروء أن يؤشر إلى بلاويه والمصائب التي يجلبها ، ويتشاطر الكل على البردعة يعضونها ويشتمونها ويوسعونها ضربا ويحملونها كل آثام الحمار وما يرتكبه من حماقات ، جهارا نهارا !!.

وفي العراق يقول المثل الشعبي الرائج :"الحمار نفس الحمار بس الجلال مبدل ) ، ويردد احد الشعراء : يامن تلبس أثواباً يتيه بها تيه الأثرياء على بعض المساكين ماغيّر الجل أخلاق الحمير، ولا نقش البرادع أخلاق البراذين.

والبراذين جمع برذون وهو دابة من فصيلة الخيليات ضخم الجثة ، غليظ الأعضاء، قوي الارجل وله حوافر عظيمة .

على اي حال ، في كل زمان ومكان ، وفي غياب الحرية وانعدام الديمقراطية وحق الناس في التعبير عن الرأي ، فإن اللعنات تصب زورا وبهتانا على البردعة ، " لانها لا تليق بمقام ظهر الحمار "، ومن حق الاخير ان يحرن ويعفص ويعقط بكلتا رجليه الخلفية وان يستند بالامامية على اكتافنا ، فيطرحنا أرضا منسدحين على بطوننا استسلاما !!

والسؤال متى ندرك براءة البردعة ونؤشر بأصابع الاتهام الى الحمار في كل شأن من شؤون حياتنا !؟.

عن محرر الخبر

الصياد الاخباري

التعليقات



إذا أعجبك محتوى موقع الصياد الاخباري نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الاخبار العالمية والمحلية والعربية أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

الصياد الاخباري

الصياد الاخباري موقع متخصص بنشر الأخبار دون أي تحيز

احصاءات الموقع الشهرية

جميع الحقوق محفوظة لموقع وكالة الصياد الاخبارية تطوير مؤسسة إربد للخدمات التقنية 00962788311431

الصياد الاخباري