بقلم : الناشطة فاطمة ابودلو
وكالة الصياد الاخباري - عمان - لقد فقدَ الحزن بهجته منذُ أن صار اليوتيوب هوَ مَن يقترح عليكَ موسيقىٰ ويتحكّم في خيارات حزنك.
منذُ أن استبدلوا أفلام "عبد الحليم وسعاد حسني" بإعلاناتٍ لشركات إنتاج كبيرة.
عندما أصبح مِن الممكن النّحيب علىٰ برامج مُملّة في المساء.
بعد أن صارَ العالم كلّه بكبسة زّر أمامك لكن لا أحد يهوّن عليك ما أنتَ فيه.
لقد فقدَ الحزن بهجته، منذُ أن صارَ الدّمع يروينا بدل الماء، بعد أن أصبحنا نأخذ صوراً فوريّة للوحدة.
عندما تحوّلنا لآلةٍ تعمل ثلاثة عشر ساعة يومياً مقابلَ أن نحصل علىٰ التّبغ والقهوة.
عندما أصبحت كلمات الوداع تُكتب علىٰ "الكيبورد" بدلَ الدّموع.
عندما صار لدينا حياة جديدة وحسابات لأصدقاء لا نعرفها، نستبدل رصيدنا مِن الحزن كلّه بـ "لايكات".
لقد فقدَ الحزن بهجته، بعد أن صارت كلمة "لا بأس" تحلّ مأزق الحديث الطّويل، عندما أصبحنا نعدّ الخسائر مِن الثّامنة صباحاً وينتهي بنا الأمر بعدّ خسائرنا،
عندما صارَ بإمكانك أن تفكّ أزرار حياتك وترتدي حزناً جديداً، بعد أن صار مِن الممكن التّنبؤ بحجم الألم الذي سنختم يومنا معهُ ، وصارت قصص الحب والموت والإنتحار والقتل مألوفة للغاية... لا مفاجآت، لا أحداث جديدة... غير أنّ الشّريط ذاته يعيدُ نفسهُ كلّ يوم.
لقد فقدَ الحزن بهجته، عندما صرنا نستيقظ كلّ يوم علىٰ أخبارٍ سيئة
فنقول : "الحمدالله هيك ولا غيرها"، فيتحوّل حزنك الكبير إلىٰ خبرٍ سخيف غير قادر علىٰ قصّه لأحد.
#فاطمة ابودلو
